مرحباً أصدقائي، اشتقت لكم كثيراً، و لقراءة رسائلكم اللّطيفة التي ترِدني يومياً، و لكل كلمة تشجيع فيها، فالتشجيع هو كل ما يحتاجه الفنان ممن هم حوله، حتى يتابع مسيرته ، و بصدد هذا الموضوع، سوف أخبركم بحادثة صارت معي، عندما كنت مراهقة، و من تلك الحادثة تعلمت معنى الإصرار و العزيمة و عدم اليأس، فرافقوني لأرويها لكم.
المشاركة بمسابقة رسم قصة مصورة
عندما كنت مقيمة في سوريا، كانت هناك العديد من مجلات الأطفال ، منها نيلوفر و فارس ، وكنت معتادة على شرائها بين الفينة و الأخرى، و في مرة من المرات، جرت مسابقة رسم قصة مصورة في مجلة فارس، و لكم كنت مسرورة لذلك، لأنني أعشق رسم قصص المانجا، و لذلك قررت المشاركة بلا تردد.
و كان شرطها أن تتمحور حول موضوع معين، و يجب علينا أن نحولها لقصة، و فعلاً بدأت مع إخوتي في تحضير السيناريو و الشخصيات، و جلسنا نتحاور كيف نقوم بترتيب الصفحات، و خلال يومين بدأت أنا بالرسم بأسلوب المانجا ، ومن المفترض أن تكون ملونة كما هو الشرط.
واحدة من قريباتي تحاول تحطيم معنوياتي
و في أحد الأيام و أنا ارسم في غرفتي، و الدفاتر و الألوان من حولي، زارتنا خالتي، التي اعتادت أن تزورنا كل حين، و عندما سمعت صوتها ناديتها بكل حماسة من أجل أن أخبرها بمشاركتي بمسابقة الرسم، ظناً منّي أنني سأحصل على التشجيع منها، فدخلت خالتي إلى غرفتي، و بدأت تسخر مما أفعل ، و قال بالحرف الواحد" أما آن لكِ أن تتركي سخافة الرسم؟ متى ستكبرين عن هذه القصص ، فأنتِ لن تربحي يوماً" و أكملت عتابها و كلامها و هي تغادر الغرفة و تستهزأ بموهبتي .
و هنا تحطمت من الداخل لأشلاء ، كانت تلك الكلمات قاسية للغاية، و شعرت بأن ما أقوم به سخيف، فعلاً شعرت بالخذلان، و فكرت لوهلة أن أترك الرسم لأنه شيء سخيف بحسب قول خالتي، و أنه علي أن أكبر و أترك المانجا و رسومات الأطفال، فوقع القلم من يدي وتوقفت عن الرسم لفترة وجيزة.
لم يكن الأمر سهلاً، فقد فكرت ملياً ، و وجدت أن الأمر حقيقيّ، فكيف لي أن أفوز بمسابقة رسم بمجلة مشهورة؟ فهناك مشاركون كثر، و من غير المعقول أن أربح.
لكن لا ... لم أستسلم حينها
ولكن هناك صوت داخلي قال لي أن أتابع ما بدأته، ليس عليّ أن اسمع كلام أحد، خاصة لو كان محطماً، و عندها تذكرت بعضاً من كلمات أغاني سبيستون الجميلة، التي تحث على عدم الاستسلام، و عدم فقدان الأمل، و المتابعة حتى النهاية، نعم كانت كلمات تلك الأغاني الرائعة، سبباً لخروجي من حالة اليأس، و فأمسكت دفتري و أقلامي من جديد، وصرت أرسم باهتمام أعلى من ذي قبل، و أصبحت أصبُ جلّ تركيزي على تحسين السيناريو و اختيار زوايا تصوير مناسبة لكل مشهد، و إضافة ألوان مناسبة لكل شخصية.
و خلال أسبوع أنهينا أنا و إخوتي رسم الصفحات الأربع للمسابقة، و اذكر ذلك الصباح ، عندما استيقظت باكراً، و سلمت والدي ظرف القصة، و أخبرته عن عنوان صندوق البريد، و خرج من المنزل، و دعوت من كل قلبي أن تصل مشاركتي على الأقل لهم.
لقد أثمرت جهودي
و في نهاية الشهر، إذا بي أتلقى اتصالاً على الهاتف الأرضيّ من المجلة ، يقولون فيه " هل أنتِ سمر؟" و أجبت بنعم، فقالوا لي" معك مجلة فارس، مبروك لقد فزتِ بالمركز الأول بمسابقة القصة المصورة" ، و صرخت لإخوتي و اجتمعوا حولي، و أنا غير مصدقة لما سمعته تواً، أنني ربحت ، أجل ربحت من بين آلاف المشاركين ، و بالمركز الأول حتماً ، و توجب علينا حضور حفل تتويج الفائزين الثلاثة.
بعد انتهاء الحفل، عاد والدي وهو محمل بالهدايا التي ربحناها للمنزل، رأيت نظرات الفخر في عينيه و هو يدخل الهدايا الكثيرة للمنزل واحداُ تلو الآخر.
حتى عندما زارتنا خالتي مجدداُ، تكلمت معها و أخبرتها أنني ربحت في المسابقة التي كانت تسخر منها، و أريتها اسمي مكتوباً، و الهدايا التي جلبناها موجودةً هناك، فلم تستطع أن تنطق بكلمة واحدة، و كأنها شعرت بالخجل لسخريتها من موهبتي، فقد رأت بعينيها أن هذه موهبة يمكن أن تصل لأبعد من ذلك ، و مذ ذلك الحين لم أر سوى التشجيع من كل النّاس.
لا لليأس يا أحبابي
و لكم شعرت بسعادة غامرة لا توصف، فلم يضع تعبي سدى يا سادة، إنها المثابرة ، أجل و عدم الاستماع لعبارات التحطيم و الاستهزاء ممن هم لا يعرفون قيمة موهبة الإنسان، فلو كنت سمعت ذلك الكلام ، و ما رسمت، لكنت اليوم موهبة مجهولة، مركونة في الزاوية، لا حلم و هدف لها، ولكن لا ، لا تصدقوا كل من يحاول النيل منكم ، بل تمسكوا بهوايتكم بكلتا يديكم، لأنها من سوف تصل بكم للأعالي.
هذه القصة محزنة حقا