لن تتوقع أنه من السهولة بمكان أن تتعلم التحريك ، ليس من خلال المعاهد أو "الكورسات" المعقدة ، بل بطريقة ممتعة لن تمل منها ما حييت ، إنها مشاهدة الانمي ، وهو الأسلوب الذي ساعدني أن أتعلم الأنميشين منذ الصغر.
الشغف تجاه الانمي الياباني
ذات مرة ليست ببعيدة، كنت مصابة بالـ"الأرت بلوك" و لم أتمكن من حمل القلم و الرسم ، فقررت إطفاء الجهاز، و مشاهدة انمي هجوم العمالقة لأول مرة ، و حين جلست و بدأت في متابعة الحلقة الأولى ، زال الـ"الأرت بلوك" ، و استعدت شغفي بالرسم.
و قبل أن أنهي الحلقة الأولى كاملة ، أوقفت المسلسل ، و أشعلت الكمبيوتر ، و بدأت التحريك بكل حماسة.
نعم إنه سحر الانمي ، بمجرد مشاهدة نصف الحلقة، زادت حماستي لأن أحرك ، على الرغم من أنني كنت كسولة قبل دقائق.
فهم الأسرار
لن تجد دروساً لفن التحريك تعطيك كل الأسرار التي تتبعها الأستوديوهات اليابانية في الأنميشين، مهما فعلنا لن نعثر على من يكشف لنا تقنيات تحريكهم بتلك الحرفية ،و لكن أفلام و مسلسلات الانمي هي الجواب السحري .
فعلى سبيل المثال لا الحصر ، لو أردت تحريك مشهد تقوم فيه الشخصية بالمشي ، فقد تجد دروساً عن ذلك على النت، و لكن باستعانتك بمشاهد الانمي التي تقوم فيها الشخصيات بالمشي، فأنت تكتسب فرصة تعلم كيفية التحريك ، و زوايا التصوير ، وكم إطار تم استخدمه في الحركة إلخ .
وهناك عدة تقنيات للأستوديوهات اليابانية في تحريك حركة المشي ، و من خلالها اكتشفت :
تحريك الشخصية كاملة ، من الرأس وحتى أخمص القدمين وهي تمشي
تحريك أقدام الشخصية فقط "حتى لا يتعب المحرك "الأنميتور" في رسم كامل الجسم"
التركيز على اليد فقط و إظهارها وهي تتحرك يمنة و يسرى
إظهار الجزء العلوي من الجسم "الرأس و حتى الكتفين " و جعل الشخصية ترتفع و تنزل من أجل أن تظهر على أنها تمشي
رسم الشخصية كاملة باللون الأسود وهي تمشي " من الطرق المستخدمة عند تحريك قطيع من الناس"
اختيار زاوية التصوير " كجعل الكاميرا في الأعلى ، حيث يظهر الرأس ، أو جعل الكاميرا من الخلف ، حيث يكون ظهر الشخصية لنا "
دراسة و تحليل المشاهد
عند مشاهدتي لمشاهد الانمي ، سواء كان مقطعاً حزيناً أو سعيداً ، أو كان مشهدَ حوارٍ عادي ، أتنبأ بالحركة القادمة ، و أحياناً أعرف كيف ستكون حركة الكاميرا.
من هناك يمكنك دراسة مشاهد الانمي ، وكيف يقوم المخرجون بإخراج تلك اللقطات، فكل لقطة تعتبر درساً كاملاً .
حين ترى مجموعة من الناس في لقطة معينة ، شاهد كيف قام المحرك بالتحريك، هل حركها كلها دفعة واحدة، أم أنه حرك شخصية واحدة فقط، أم أنه حرك الشفاه فحسب ،بينما ظلوا ساكنين
حين يتقاتل البطل مع الشرير، كيف جرى القتال؟ هل اعتمد المخرج على حركة الكاميرا طوال الوقت؟ أم أنه يتم تحريك شخصية في كل لقطة؟ أم كلاهما معاً؟ وهل تم الاستعانة بالمؤثرات من أجل إعطاء جمالية للمشهد و إخفاء بعض عيوب التحريك
عند تحريك شخصية هل تتحرك بكامل الجسد ، أم جزء فقط يظهر للكاميرا؟ من أجل تخفيف أعباء تحريكها كاملة
تحريك أقل و اعتماد على الكاميرا
من المعروف أن إطارات "فريمات" الانمي أقل من "فريمات " الكرتون ، إذ أنّ شخصيات الكرتون تتحرك طالما أنها تتحدث ، على عكس الانمي ، الذي يحدد الحركات الضرورية في اللقطة " أميل إلى هذا الأسلوب شخصياً "
مثلاً :
اللقطات التي تظهر فيها الشخصيات تتكلم ، تكون ثابتة لا تتحرك ، ولكن ما يتم تحريكه هو الفم و الكاميرا
عندما تكون الشخصية في المشهد، تتحرك الكاميرا من الأسفل و إلى الأعلى ببطء
عند ظهور شخص بشكل مفاجئ ، تقوم الكاميرا بالتحرك من الأسفل للأعلى بسرعة ، كتعبير عن حالة الصدمة
عند ظهور عدة شخصيات في المشهد، يتم تحريكها جميعاً ، حركة واحدة، مثلاً من القيام للجلوس، أو الالتفات، و يبقون على هذه الحالة طيلة اللقطة.
التكرار و الإعادة
هي من أهم العوامل التي تقلل المجهود و التعب، و في نفس الوقت، تقدم المشاهد بمدة أطول، ومنها :
تكرار الحركة طوال الوقت، مثل قيام الشخصية بالقفز صعوداً و نزولاً ، و تكرار الحركة، مع وجود حوار لو لزم الأمر ، فتنتج لقطة كاملة
إعادة حركة تم استخدامها مسبقاً، ولكن في مشهد جديد، و لن يدرك الجمهور ذلك
رسم إطارين فقط، مثل أن تقوم الشخصية بالتلويح بفتح اليدين، و بعدها إغلاق اليدين مباشرة، دون إطار بينيّ، أي إن الحركة تكون فائقة السرعة، و يتم إعادة الحركة طوال اللقطة " مشهورة في المشاهد الكوميدية أو شيبي"
أمور إضافية
أحياناً يقوم المخرج بتركيز الكاميرا على المكتبة، بينما يتناول البطل الطعام، هكذا لن يضطروا لتحريكه وهو يأكل، فقط يمكن إضافة أصوات الملاعق، وبهذا يفهم المشاهد ما يجري
كثيراً ما يتم تحريك جماعة من الناس، يمكننا ذلك بتعب أقل، عن طريق تحريكهم بشكل سريع، دون تفاصيل، و إضافة الضباب أو أشجار بحيث لا يلاحظ المشاهد الأخطاء
من الضروري دراسة أهم المشاهد، في كل انمي ، وجميع الأستوديوهات تستخدم نفس الأساسيات تقريباً ، فليس من الصعب على الإطلاق التعلم منها، وهذا كان السبب الرئيسي الذي علمني التحريك ، فلم أدخل المعاهد ، لأنه لا توجد في منطقتنا معاهد تحريك الانمي ، و لم أسجل في "كورسات" لأنني لا أحب أن يعلمني أحدهم ما يريد ، بل أن أتعلم بنفسي ما أريد.
فعندما وجدت صعوبة في تحريك العينين، ذهبت مباشرة لمشاهدة لقطة من أيّ أنمي ، و أقوم بتبطيء اللقطة، و حين أفهم كيف تم الأمر، أعود لبرنامجي لأقوم بالتحريك بأسلوبي دون نسخ.
علمت نفسي بنفسي، و مازلت أتعلم كل يوم، كل انمي هو درس كامل بحد ذاته ، كل لقطة ، كلّ مشهد ، كل حوار، هي دورة تعليمية ، بل و أكثر ، فمشاهدة كل الانميات لها الفائدة ، فهو كنز لكل من يرغب في تعلم تحريك الانمي
هذه النصائح ستفيد الملايين شكرا